توقّعات برفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة رغم علامات تباطؤ الاقتصاد

توقّعات برفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة رغم علامات تباطؤ الاقتصاد

من المتوقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة العاشرة -وربما الأخيرة- الأربعاء، في الوقت الذي يواصل فيه معركته ضدّ التضخّم المرتفع.

ومن المرجّح أن يتخذ البنك المركزي الأمريكي هذا القرار، على الرغم من الإشارات المتزايدة على تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، حيث يتوقّع العديد من الاقتصاديين أن تدخل الولايات المتحدة في ركود معتدل في وقت لاحق من هذا العام، وفق “فرانس برس”.

ويتوقّع المحلّلون أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ثمّ يبقيها عالية في محاولة لإعادة التضخّم نحو الهدف الطويل الأجل المتمثّل في 2 في المئة، من دون التسبب بركود أعمق من المتوقّع.

وكتب الاقتصاديون في "بنك أوف أمريكا" في مذكّرة للعملاء الجمعة "نتوقّع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي (سعر الفائدة) بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل، على أن يتبع ذلك توقّف مؤقت في يونيو، مع وجود ميل ضعيف لرفع لاحق في أسعار الفائدة".

ومن شأن رفع أسعار الفائدة الأربعاء أن يمثّل الزيادة العاشرة على التوالي، ليصل المؤشر إلى ما بين 5 و5,25 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007.

اضطرابات مصرفية 

سيُعقد اجتماع اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة (FOMC) التي تحدّد معدّل الفائدة في الثاني والثالث من مايو، في ظل ظروف مختلفة تماماً عن سابقاتها في مارس، حينما عُقد الاجتماع وسط أزمة مصرفية قصيرة وحادّة تبلورت في الانهيار السريع لبنك "سيليكون فالي" قبل ذلك بأيام قليلة.

أدّى الانهيار السريع لبنك "سيليكون فالي"، متأثّراً بسعر الفائدة المفرط، إلى إثارة مخاوف من العدوى المصرفية والتي تفاقمت مع انهيار "سيغنتشر بنك" في نيويورك بعد بضعة أيام.

في مواجهة هذه الاضطرابات المستمرّة في القطاع المصرفي، تخلى بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة في 22 مارس، واختار بدلاً من ذلك رفعها بمقدار ربع نقطة.

ساعدت الجهود المتضافرة من قبل المنظّمين الأمريكيين والأوروبيين بعد انهيار بنك "سيليكون فالي" على تهدئة الأسواق المالية، ويبدو أنها حالت دون وقوع مزيد من الأضرار في القطاع المصرفي.

وكتب كبير الاقتصاديين الأمريكيين في أكسفور إيكونوميكس مايكل بيرس، في مذكّرة حديثة إلى العملاء، أنّه "مع تراجع الضغط في أسواق الائتمان، يبدو أنّ مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي مستعدّون للمضي قدماً في رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع في أوائل مايو".

ولكن رغم أنّ الأسواق المالية باتت أكثر هدوءاً، فإنّ انهيار بنك "سيليكون فالي" كان له تأثير دائم على القطاع المصرفي، حيث قامت المصارف بتشديد شروط الإقراض في الأسابيع التي تلت.

وفي هذا السياق، أشار المسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أنّ شروط الإقراض الأكثر تشدّداً يمكن أن تكون بمثابة زيادة إضافية في سعر الفائدة، ما قد يقلّل من عدد الزيادات اللازمة لخفض التضخّم إلى 2 في المئة.

وقال حاكم بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر في منتصف إبريل، إنّ "التشديد الكبير في شروط الائتمان يمكن أن يؤدّي إلى تفادي الحاجة إلى مزيد من التشديد في السياسة النقدية".

ولكنه حذّر من "إصدار مثل هذا الحكم" قبل نشر بيانات جيّدة عن تأثير الاضطراب المالي والإقراض المصرفي.

من جهتهم، اعترف المنظّمون الأمريكيون الجمعة بأنّه كان بإمكانهم فعل المزيد لمنع انهيار كلّ من "سيليكون فالي" و"سيغنتشر بنك"، فيما دعا بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى قواعد مصرفية أكثر صرامة في المستقبل.

اقتصاد متباطئ 

تشير البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة إلى اقتصاد متباطئ، مع تزايد التوقّعات بأنّ الولايات المتحدة ستدخل في ركود في وقت لاحق من هذه السنة.

وأظهرت البيانات الصادرة في أواخر إبريل أن الناتج الاقتصادي تباطأ إلى معدّل سنوي بمقدار 1,1 في المئة في الربع الأول من هذا العام، في حين انخفض مقياس التضخّم إلى معدّل سنوي بمقدار 4,2 في المئة في مارس، من 5,1 في المئة في الشهر السابق.

دفع التأثير المتنامي لحملة رفع أسعار الفائدة التي قام بها بنك الاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد، المحلّلين إلى توقّع توقّف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة بعد القرار المرتقب الأربعاء.

ومع توقّع رفع أسعار الفائدة بنسبة ربع نقطة، سينصبّ التركيز بدلاً من ذلك على "أي تغييرات في اللغة التوجيهية التي سيحملها البيان" الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي، حسب ما كتب الاقتصاديون في "دويتشه بنك" في مذكّرة حديثة إلى العملاء.

وقالوا في المذكّرة: "بينما تبقى قضيتنا الأساسية أنّ الزيادة في مايو ستكون الأخيرة في هذه الدورة، ذلك أنّ الاقتصاد يستجيب للقيود (على الإقراض)، إلّا أنّنا نرى مخاطر في الميل إلى زيادة أخرى في يونيو".

من جهته، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بعد قرار رفع معدّل الفائدة في مارس، إنّ بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يرفع معدّلات الفائدة مرّة أخرى قبل إنهاء دورة رفع الأسعار الحالية.

دعمت تعليقاته التوقعات المتوسّطة للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لأسعار الفائدة للعام 2023.

وأفاد محضر اجتماع اللجنة في مارس بأنّ بنك الاحتياطي الفيدرالي كان يتوقّع أن تدخل الولايات المتحدة في ركود معتدل في وقت لاحق من هذه السنة، عندما قرّر رفع أسعار الفائدة.

قد يعتمد نطاق الركود على القرار الذي يتخذه بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن مدى رفع أسعار الفائدة، حسب ما كتب كينيث كيم كبير الاقتصاديين في "كي بي ام جي" في مذكرة حديثة للعملاء.

وقال: "أيّ زيادات أخرى في أسعار الفائدة تتجاوز (تلك في) مايو تخاطر بحدوث ركود أعمق من الانكماش المعتدل الذي نتوقّعه حالياً".

ركود عالمي في 2023

وفي وقت سابق، ذكر تقرير حديث لمركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني "CEBR"، أن الاقتصاد العالمي يواجه ركوداً في 2023 بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض بعد أن أدى ارتفاع التضخم إلى انكماش عدد من الاقتصادات.

وذكر التقرير السنوي للمركز أن حجم الاقتصاد العالمي تجاوز 100 تريليون دولار للمرة الأولى خلال عام 2022، لكن النمو سيتوقف في 2023 مع استمرار صانعي السياسات المالية في معركتهم ضد معدلات التضخم المرتفعة.

وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في أكتوبر الماضي من أن أكثر من ثلث الاقتصاد العالمي سيواجه انكماشا خلال 2023 وأن هناك فرصة بنسبة 25% أن ينمو الناتج القومي الإجمالي العالمي بأقل من 2% وهو ما يعني ركودا عالميا.

وقال مدير ورئيس قسم التنبؤ في CEBR، كاي دانيال نيوفيلد: "من المحتمل أن يواجه الاقتصاد العالمي ركوداً نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة استجابةً لارتفاع التضخم".

وأضاف التقرير أن "المعركة ضد التضخم لم تنتهِ بعد، نتوقع أن يلتزم محافظو البنوك المركزية بأسلحتهم في عام 2023 على الرغم من التكاليف الاقتصادية".

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية